هذا هو الكنز الثمين الذي تم العثور عليه في مكتب الدكتور عبد العزيز المقالح بعد وفاته

متابعات : صوت الوطن أخبار الوطن Thursday 05 January 2023 الساعة 08:15 am

في 2018 قصدت "مركز الدراسات والبحوث" بهدف البحث عن تفاصيل محددة تتعلق بالثورة اليمنية وكانت جولة موفقة رفقة صديقي الاستاذ عبده مرشد.


عندما دخلنا على الدكتور عبدالعزيز المقالح كان بجواره مجموعة من اصدقائه الكهول.. وكان لطيفا للغاية وهو يستقبل بين لحظة واخرى زائريه من جيل جديد.


والحقيقة ان الاستاذ عبده مرشد لما تمتلكه ذاكرته الفذة من محفوظات لشعر " المقالح" ادهشتني واثلجت ملاحظاته واسئلته قلب الدكتور الذي كان يفتح عينيه بانبهار وابتسامته تنبعث من اعماق روحه.


قال له عبده مرشد انت ذات مرة نشرت قصيدة كذا في صحيفة الثورة لكن في الديوان وجدت فيها تعديل طفيف واصبحت كذا وكذا.


وكان المقالح ينبسط جدا جدا ويهز رأسه: صحيح صحيح ويوضح الذي حصل. ثم ينقله عبده مرشد الى موضوع اخر حول قصيدة اخرى وفي سياق مختلف. وللأمانة اندهشت لذكاء الاستاذ ع مرشد ونباهته وذاكرته والمندهش اكثر كان المقالح رحمة الله تغشاه. 


جلسنا معه قرابة الساعة وتكلمنا معه عن قرب وكم احسست بدفء قلب وروح هذا الشاعر العظيم والاب والاستاذ الرفيع.


قلت للمقالح يادكتور: انت بالنسبة لنا التجسيد الاروع والانصع لوجه اليمن الجمهوري الذي عرفناه.


صورتك مجسمة بقوة في عيوننا واسمك محفور عميقا في القلوب كأي شيء عزيز وغالي الثمن.


كنت اقولها وعيوني تشترغ بالدمع لانني بحق اجل واحب الدكتور عبدالعزيز المقالح منذ كنت طفلا في مدرسة القادسية باقصى شمال ريمة. كنت اسمعه في الاذاعة واراه في التلفاز وعندما ذهبت الى المدينة رأيت وجهه الفخيم في الصفحة الاخيرة لصحيفة الثورة كأنه ملك مثبت على عملة ذهبية.. كنت احتفظ بالصفحة الاخيرة فقط عشان صورة المقالح لانني عندما اعود الى القرية ألصقها على جدار الغرفة!


كان المقالح رئيسا للجامعة وكنت اذهب وانا صغير مطلع التسعينات مع اخي الكبير الاستاذ محمد الى كلية التجارة حيث يدرس وكل سؤالي وتلفتاتي بحثا عن مكتب الدكتور عبدالعزيز المقالح. كنت اظن انني سأراه ولكنني لم اراه في الجامعة الا عام 2000 عندما ذهبت الى كلية الشريعة رفقة احد الخريجين واتذكر انني حزنت - الصدق ـ لانني رأيت المقالح ورأسه مشتعل بالبياض الكامل ووجهه يشيب على عكس الصورة الراسخة في ذهني من الصحف!


استأذنا الدكتور عبدالعزيز لدخول صالة الكتب في مركز الدراسات واخبرته عن فكرة البحث الذي اشتغل عليه فانبسط وفرح وقام معنا من مكتبه واخذنا بنفسه الى صالة الكتب وعندما رآه مسؤل المكتبة قادما وقف اجلالا واخذ الدكتور المقالح بيدي وطاف بي على اقسام مكتبة مركز الدراسات وهو يدلني على العناوين والمراجع يخرجها ويفتشها ويعيدها وهو يقول:" ستفيدك. هذه يا علي ربما هذا ايضا يفيدك.. وهذا.. ".


كنت اشعر بالاحراج وبالزهو في آن واشعر انها لحظة جليلة تستوجب التواضع والانحناء لكل هذا القدر من الكرم. انه تقدير خاص لا يقدر بثمن من قامة شاهقة في الارتفاع والمكانة. 


كنت اقول له يا دكتور ارتاح هذا شرف كبير لي وانت تحتاج للجلوس لتستريح لكنه كان مصر ان نكمل الجولة على المكتبة ورفوفها واعمدتها واقسامها. وعندما اكتملت جولتنا امسك الدكتور المقالح بيدي وخاطب المسؤول قائلا:" اي كتاب او عنوان يريده علي اعطيه وسجله ضمن استعاراتي انا" واخذ يسحب دفتر السجلات والاعارة ليبحث عن اسمه في تبويبات الصفحات وهو يقول:" اي وقت يأتي علي المكتبة متاحة له وليستعير ما يشاء وسجلها عليا في صفحتي" ثم استأذن وعاد الى مكتبه وفي الصالة التقطنا معه هذه الصورة رفقة الاساتذة الاعزاء الشاعر الكبير والاديب محمد عبدالسلام منصور (يمين الصورة) والاستاذ القدير عبده محمد مرشد. ( يسارها) وانا على يمين الدكتور. ثم عدت الى المكتبة وامضيت وقتا طويلا ولم اكن اعرف ان الدكتور المقالح لا يزال منتظر لنا في مكتبه ومجهز لنا هدية من المجلات والعناوين التي اصدرها المركز.


وقال:" هذه لكم هدية بسيطة"... ويالها من هدية! إنها كنز عظيم. 


وقد اخبرنا احد مرافقيه ان الدكتور متأخر الى هذا الوقت عشان يعطيكم الكيس ( الواحدة والنصف بعد الظهر) وهي من المرات النادرة التي يتأخر الدكتور الى هذا الوقت.


وعندما مات المقالح بكيت بكيت من اعماق قلبي.


رحمة الله تغشى روحك العزيزة ايها المعلم العظيم والقدوة المثلى.


*صحفي يمني 


جميع الحقوق محفوظة لموقع صوت الوطن

نرحب بتواصلكم مع موقع صوت الوطن عبر التواصل معنا من خلال صفحتنا في فيسبوك من هــنــا

تابعونا ايضاً من خلال الاطلاع على جديد اخبارنا في صفحة Google News عبر الضغط هنا

تويتر المزيد