الرئيس علي ناصر محمد يكشف كواليس توليه أول منصب سياسي في تاريخه

متابعات : صوت الوطن أخبار الوطن Tuesday 20 December 2022 الساعة 06:15 pm

الحزب الطليعي والغباوة السياسية 


أوضح الرئيس علي ناصر في الحديث الماضي ، حول العلاقة بين اليمن ومصر  كيف كانت حاضرة في الأذهان وفي الأعيان و الحاضر والماضي  ودور الرئيس المصري جمال عبدالناصر في ثورة جنوب اليمن .. وينقلنا الرئيس ناصر في هذه الحديث إلى الحزب الطليعي والغباوة السياسية .. وأشار قائلا :" مساء الأول من مايو 1971م جاءني إلى فندق شيراتون، حيث كنت أنزل، السيد ضياء الدين داوود، عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكي العربي وقتذاك، والمسؤول عن حزب الطليعة الذي أسّسه عبد الناصر بعد نكسة حزيران. وحين أردت أن أبادله الحديث في بعض القضايا العربية، طلب مني أن ننتقل إلى «الشرفة» حتى يمكننا التحدث بحرية أكثر، فهمت أنه كان يخشى أن تكون قد بثت أجهزة تنصت في غرفتي بالفندق، فتسجل حديثنا، وأدركت ونحن في طريقنا إلى الشرفة، أنه يريد أن يقول لي أمراً مهماً...


جاء توقعي في محله، إذ سرعان ما أخذ ضياء يشرح لي طبيعة الصراع الدائر داخل اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكي العربي وخلفياته، ومواقف السادات التراجعية عن خط عبد الناصر، ورفضه التزام قرارات اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية.


أدركت من حديثه أن الصراع بين الجناحين قد تطور إلى مرحلة خطيرة تشير إلى عدم إمكانية التعايش بينهما مستقبلاً. فقلت لضياء بعد أن انتهى من الحديث:


لكن السادات، على عكس ما تقول، أشاد في خطابه هذا الصباح في حلوان بالعلاقات المصريـة السوفياتية... وفي هذا ما يدلّ على أنه لم يتنازل عن الخط التحرري لثورة يوليو.


قال ضياء الدين داوود: الذي كان مسؤولاً عن الحزب الطليعي داخل الاتحاد الاشتراكي العربي: 


هذه محض مناورة سياسية يمهد بها السادات لإجراءات أخرى. ولا تستغرب إن حدث نقيض ذلك اليوم أو غداً.


السادات ينقلب على رفاقه 


ويقول الرئيس علي ناصر وهو يتحدث عن سياسة الرئيس السادات  وخيبة أمل قيادة الحزب الطليعي  قال مسترسلا :" بالفعل، حدث ما كان يتوقعه ضياء، فقد فوجئ العديد من الناس، بمن فيهم أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكي، بصدور قرار عن الرئيس السادات بإقصاء علي صبري من منصبه كنائب رئيس في مساء اليوم نفسه.. ثم توالت إجراءات السادات بحبس بقية أعضاء اللجنة التنفيذية والعناصر الذين وقفوا ضد سياسته، مثل عبد المحسن أبو النور السكرتير العام للاتحاد الاشتراكي، وشعراوي جمعة وزير الداخلية، ومحمد فوزي وزير الحربية، ومحمد فائق وزير الإعلام، وغيرهم من الذين قدموا استقالاتهم تحت وهم أن الشعب سيخرج ويتظاهر لإسقاط السادات، ولكنهم هم الذين سقطوا وقدمهم السادات للمحاكمة وقال مقولته المشهورة الساخرة: «سنحاكمهم بتهمة الغباوة السياسية فقد جاءت استقالتهم هدية من السماء وعلى طبق من ذهب. قام السادات بخطوة أخرى أبعد من ذلك، بحلّ اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي بأكملها، وبحلّ مجلس الأمة، وكان هذا الانقلاب داخل السلطة على من كان يسميهم «بمراكز القوى» هو الذي أطلق يده فيما بعد، لتثبيت مركزه في السلطة، واتخاذ أخطر القرارات السياسية على مختلف المستويات، ابتداءً بسياسة الانفتاح الاقتصادي، إلى تغيير تحالفات مصر وسوقها بعيداً من عالمها العربي… إلى زيارته إسرائيل وتوقيع اتفاقات صلح منفرد معها كما هو معروف. وقد تركت مصر فراغاً هائلاً في الساحة العربية في المواجهة مع إسرائيل ومع أعداء الأمة العربية، فلا أحد يستطيع خوض حرب بدون مصر، كما أنْ لا سلام لإسرائيل بدون سورية كما أثبتت الأيام.


وقد استخدم الرئيس السادات بذكاء كل الأوراق التي في حوزته، ابتداءً من ورقة العلاقة مع السوفيات، ومروراً بورقة العلاقات مع حركات التحرر، وانتهاءً بالعلاقات مع الولايات المتحدة لخدمة هدفه في استرداد سيناء.


قيادات مصر خلف القضبان 


ويواصل الرئيس  ناصر حديثه ويقول :" لم ألتقِ ضياء الدين داوود بعد ذلك اللقاء اليتيم في مايو عام 1971م، إلا في 4 أبريل 1996م، أي بعد ربع قرن من ذلك اللقاء، على هامش مؤتمر المركز العربي للدراسات الاستراتيجية الذي أنشأته، في ندوته المعنونة «الوطن العربي على خريطة القرن الحادي والعشرين» الذي عقد بجامعة الدول العربية وبالتعاون معها، وذلك بعد نحو ربع قرن من قيام السادات بإقصائه ورفاقه الذين كانوا يمسكون بأهم أجهزة الدولة العسكرية والأمنية والحزبية والسياسية، بجرة قلم وبالتلفون، وأسقطهم جميعاً في أول مواجهة وأودعهم السجن سنوات، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من اعتزل السياسة وبعضهم عاد إليها من بوابة التاريخ وعبد الناصر، حيث أنشأوا الحزب الناصري وأصدروا صحيفة «العربي»، وأصبح ضياء الدين داوود رئيساً للحزب.


 عقد اللقاء في مقر الحزب الناصري حيث لم يبقَ من وهج عبد الناصر إلا صورته المعلقة على جدار مكتبه، وفي كل صالة ومكتب. حضر ذلك اللقاء عدد من القيادات السياسية من مختلف الأحزاب اليمنية، وقد تحدثوا عن همومهم اليمنية، عن الفساد والرشوة والفوضى الأمنية وعن انهيار الدولة فيها. وكان ضياء الدين صامتاً، وقد أيقنت أن عبد الناصر لن يتكرر في شخص أيٍّ من القيادات الناصرية في الوطن العربي، وأيقنت أن على هذه الأحزاب أن تشقَّ طريقها في النضال، معتمدة على شعبها وبرامجها، مستفيدة من تراثه النضالي العظيم.


الزيارة الأولى للقاهرة بعد تولي رئاسة الوزراء


ويتابع الرئيس ناصر حديثه وقال :"  بعد أن توليت منصب رئاسة الوزراء شعرت بالحاجة للقيام بتحرك سياسي خارجي، وقررت أن أبدأ بالقاهرة التي درست فيها وعشت فيها أجمل الأيام.


كانت مصر بما لها من ثقل ووزن سياسي في المنطقة محطة زيارتي الأولى وأنا في طريقي إلى «موسكو» التي تلقيت منها دعوة لزيارتها. وكان الهدف من زيارة مصر في الحقيقة ذا قيمة سياسية. لم نكن نعوِّل كثيراً على الحصول منها على مساعدات اقتصادية، أو دعم مالي، فقد كان لديها ما يكفي من الأعباء والمشكلات التي تعانيها من آثار حرب 1967 وإغلاق قناة السويس.


بدأت زيارتي للقاهرة يوم 26 سبتمبر 1971م يرافقني وزير العمل والخدمة المدنية محمد صالح عولقي، وزير الاقتصاد محمود عبد الله عشيش، وزير الأشغال حيدر العطاس، وزير الداخلية صالح مصلح قاسم، مسؤول أمن الدولة محمد سعيد عبد الله (محسن)، نائب وزير التربية والتعليم أحمد عبد الإله ومديرة مكتب رئيس مجلس الوزراء عائده علي سعيد وآخرون.


كان في استقبالنا في مطار القاهرة الدكتور «محمود فوزي» رئيس وزراء جمهورية مصر الذي ترأس جانب بلاده في المحادثات التي بدأناها مساء اليوم نفسه.


وواصل الرئيس ناصر قائلا :" تحدثت عن موقف اليمن الديمقراطية المؤيد لمصر، ونضالها في سبيل إزالة آثار العدوان الإسرائيلي واستعادة أراضيها المحتلة، ودعمنا السياسي اللامحدود لدور مصر العربي القومي في توحيد السياسات العربية، وتنسيق التضامن العربي الذي على أساسه تُبنى عملية التحرير.


 وقد أبدى الدكتور فوزي اهتمامه بما عرضناه، وأبدى تعاطفه مع النظام في عدن، وأشار إلى أن «مصر تمرّ بظروف صعبة ولن تتمكن من تقديم أي دعم اقتصادي، ولكنها ستقدم لكم المدرسين والأطباء والخبراء والمنح الجامعية في مختلف التخصصات، إضافة إلى تطوير كلية ناصر الزراعية في لحج»، وأبدى وزير الخارجية المصري بالوكالة مراد غالب اهتماماً بالوضع في اليمن وأكد أنه سيتحدث مع بعض الدول الصديقة والشقيقة لدعم اليمن.


وقال إن القاهرة وموسكو تدعمان محسن العيني الذي كان رئيساً للوزراء في الجمهورية العربية اليمنية، وأن مصر ترى في العيني عنصراً تقدمياً يمكن التفاهم معه والاستفادة من وجوده على رأس الحكومة اليمنية في صنعاء. وقدم المصريون عرضاً بالوساطة بيننا وبين الشمال لحلّ مشاكلنا معهم.


عندما تطرقنا إلى الحديث عن السعودية، عرض علينا المصريون هنا أيضاً وساطتهم، وقد أجبتهم بأننا لسنا ضد علاقات جيدة مع أخوتنا في صنعاء والأشقاء في الرياض، ونحن نرحب بجهودهم في هذا المجال.


خلال وجودي في القاهرة أجريت اتصالات مباشرة مع الفريق محمد صادق وزير الحربية، ومراد غالب وزير الخارجية بالوكالة، والدكتور أحمد حسن الزيات، والدكتور فؤاد مرسي. وكان الأولان قد اشتركا في المباحثات ضمن الوفد الرسمي المصري إلى جانب كل من الدكتور عبد القادر حاتم وزير السياحة، وعبد اللطيف بلقيه وزير القوى العاملة. ورئيس الأركان الفريق سعد الدين الشاذلي


جميع الحقوق محفوظة لموقع صوت الوطن

نرحب بتواصلكم مع موقع صوت الوطن عبر التواصل معنا من خلال صفحتنا في فيسبوك من هــنــا

تابعونا ايضاً من خلال الاطلاع على جديد اخبارنا في صفحة Google News عبر الضغط هنا

تويتر المزيد